الأحد، 14 أبريل 2013

من أسباب سقوط الدولة: الظلم

بسم الله الرحمن الرحيم
تفسخ النظام القانوني العثماني حتى إنه لم يعد يحمي حقوق الرعايا من المسلمين وغير المسلمين، فتسرب الظلم بانسحار العدل، وطغت أوامر الرجال بضعف أحكام القانون ... إذ ساد النظام القهري على القسط والعدل، ولذلك، تبعثرت الطوائف والجماعات المستظلة بالدولة لانتشار ظل عدلها، وفرت عنها اتقاء من الظلم.

ومن مظاهر مخالفة القوانين اضطرار بعض السلاطين إلى نشر قوانين باسم (عدالت نامة) لرد الحق إلى نصابه، ولكن من العسير الادعاء بأنها حققت مراميها فعلًا.

تفشي داء الرشوة حتى تحول إلى مرض عضال يمنع الصدور العظام (رؤساء الوزراء) من النظر في شؤون الجمهور، وكتّاب الولاية من منح تفويض "التيمار" -إدارة الأراضي- حسب الكفاءة والقدرة ولكن بالتزلف، وحال دون إنفاذ قانون التربية والسلوك (على القواعد التركية الإسلامية) الأصيل في إعداد الصبيان الأغرار (غير المدربين عسكريًا) باللجوء إلى أنتزاعهم بالقوة والقهر، وقلب دار العدل إلى دار الظلم بتدخل الوسطاء بين القضاة والناس... وحول الموظفين المتربعين على كرسي "الإلتزام" (التفويض بجمع الحاصلات مقابل بدل معلوم) أو الأساليب الأخرى إلى معين لا ينضب لجباية الحاصل بالقسر والجبر، لقد عجزت الدولة العثمانية عن إدامة فاعليتها كدولة للحقوق والقانون، تحت ضربات الهزائم في ميادين الحرب، والاختناقات المالية في الميزانية، وتوسيد الأمر إلى رجال الدولة غير المؤهلين، وأسباب أخرى.

فتسرب الإهمال والخمول إلى ولاة الولايات، ومتصرفي السناجق، ونشأ إداريون محليون أستلموا زمام إدارة ولايات أو سناجق، بل عينتهم الدولة أحيانًا ولاة أو متصرفين من صنف "ملاك الأرض" في الأناضول، أو من "الأعيان" في روم-أيلي.
ولا يخفى سوء الإدارة والعسف الذي مارسه هؤلاء في القرن الثامن عشر.

هناك تعليقان (2):

  1. مقالة تنم عن الإنصاف .... لا أحد ينكر ما آلت إليه الأمور في خواتيم هذه الدولة العظيمة من فساد ة رشى و محسوبية

    ردحذف
  2. بحسب المقدمة الواردة في فرمان التنظيمات الصادر عام 1839م ذكرت ان ظهور مخالفة الشرع والقوانين بدأ منذ مائة وخمسين عاما وهذا يعني ان تدهور الدولة وشيوع الظلم بدأ منذ القرن الثامن عشر رغم ان هذا القرن شهد عصر السلطان أحمد الثالث الذي اتفق جميع المؤرخين بانه عهده كان مزدهرا ورغم محاولات الاصلاح التي بذلها بعض السلاطين كعبدالحميد الاول وقيام السلطان سليم الثالث بإصلاحات جذرية والتي اكملها السلطان محمود الثاني من بعده.

    ردحذف