بسم الله الرحمن الرحيم
التعامل مع النساء في الحرم العثماني يُصور من قبل البعض على أنه "ملهى ليلي"، يدخل السلطان إليه ويختار من النساء ما يشاء ليعاملها معاملة الأزواج، وقبل البدء في الرد علميًا على هذه الأمر، لابد من الإشارة إلى معنى كلمة "الحرم العثماني".
"الحرم العثماني" عندما يذكر يتبادر إلى الذهن سراي -قصر- "طوپ قپو". وسراي "طوپ قپو" هو عبارة عن مركز لدوائر الدولة يجمع ما يشبه اليوم رئاسة الدولة ورئاسة الوزراء و الوزارات، ويضم القصر كذلك الذي تسكن فيه عائلة السلطان، فالأجنحة المخصصة لسكن السلطان وعائلته هي "الحرم" في المصطلح العثماني.
ويصر البعض على أن سراي "طوپ قپو" ليس إلا بيت ومركز لملذات السلاطين ومتعتهم، ويرفضون أي شيء غير ذلك، ويصور أيضًا -في العصر الحالي- المرشدون السياحيين والموظفون المسئولون عن القصر وكأنه مركز لمجون السلاطين، بل يتصدرهم بعض رجال العلم والفكر عمدًا وقصدًا.
والجدير قبل أن أنهي النبذة عن معنى كلمة "الحرم العثماني"، أن أذكر بأن هناك في القصر ما يسمى بـ "صُفّة الخنكار". والصُفّة هي "مساحة" تطل عليها أبواب غرف القصر، والتي شاع أنها فسحة اللهو مع الجواري، أما "الخنكار" فتعني السلطان.
وكان المرشدون السياحيون يشرحون للسائحين بأن النقوش الموجودة في هذا المكان ما هي إلا "شعر ماجن" لتحريك شهوات الجواري والنساء الفاتنات، على حين أنها كانت آيات قرآنية وأحاديث نبوية تتعلق بتربيه العائلة السلطانية وسلوكها، وهي منقوشة بخط جميل على حوائط "صُفّة الخنكار".
أما ما يورد وكتبه بعض المؤرخين الأجانب عن الحرم من أوهام وخيالات وروايات بهيمية هي أقرب منها إلى الحقائق التاريخية؛ وقد ترك هذا التصوير بصماته على ما يمسى "البحث العلمي"؛ لأن الكتاب الغربيين هم أول من صوروا بأقلامهم أسطورة تجهيز الجواري للسلاطين في الحرم منذ القرن السابع عشر. فقد كتب Thomas Dallam ما تخيله عن نساء الحرم عام 1599، وتبعه سفير البندقية في اسطنبول Ottaviano Bon، ورجل الصناعة الفرنسي Flachat وغيرهم.
ولقد كرر كتاب الغرب بغير استثناء ما رواه سفير البندقية "بون" بأسلوب مثير للغرائز عن تقديم جواري الغرفة الخاصة وتجهيزهن من الأكاذيب ما يخجل أن يُكتب هنا، ونكتفي بالقول بأن الوثائق العثمانية والمذكرات الشخصية لم تؤيد هذا مطلقًا.
إن شهادة الحق عن تحريف الغرب لهذه المسألة هو ما كتبه المؤرخ الفرنسي "Robert Anhegger" المكلف بأعمال صيانة القصر عام 1960 حيث يقول: "انتبهت إلى أن ما كتب وسطر في أوروپا عن "الحرم" لا مساس له بالواقع، فليس الحرم مؤسسة تخدم أهواء السلطان لينام مع من يشتهي من النساء، بل حتى هندسة مباني الحرم تكذب هذا الأدعاء، فلا يستطيع السلطان أن يراقب الجواري وأن يختار احداهن! فالتصميم الهندسي للأبواب والبيوت والممرات يمنع ذلك، وبيت الأماء في صالات تسع خمسًا وعشرين جارية، تحت رقابة شديدة من رئيساتهن في الطابق الأعلى، وتسكن والدة السلطان في القسم الخاص بها، والسلطان أيضًا في القسم الخاص به، ويحق لوالدة السلطان أن تختار أمراة السلطان وتقدمها إليه، فحسب التصميم الهندسي يحتاج السلطان إلى أجنحة ليطير إلى القسم المخصص للجواري!"
"إن خريطة الحرم شبيهة بجامعة والجواري بالطلبة، وما أبلغ أن يكتب على باب الجواري "يا مفتح الأبواب أفتح لنا خير باب"، فيفتح الله حظهن للزواج، ويجهزها السلطان بجهازها من نفقته إلى بيت زوجها؛ لأن الجارية ليست أمة (بالمفهوم الغربي) وليست أمة لقضاء الشهوة ألبتة! بل الأقرب تسميتهن بنات السلطان! زفي الواقع إنهن يراعين ويعلمن ويدربن مثل بنات السلطان".
"إن كثيرًا مما كتبه الأجانب محض خيال تتناقله الألسن وتُسطر فيه الكلمات، أو ترسم في لوحات، فلم تنفك من إسار تصوراتها "للحرم" موطنًا للخيال وعالمًا متسربلًا بالظلمات والخفايا، لأسباب منها: ابتعاد النساء المسلمات عن الرجال، وتدثرهن بالحجاب خارج البيوت، وامتناعهن عن مشاركة الرجال في المجلس، في أيدينا صور وتماثيل كثيرة عن نساء حكام أوروپا وبناتهن، يعكس حياتهن ولباسهن ومظهرهن ... ولكننا لا نجد شيئًا من ذلك عن نساء آل عثمان ما عدا تصاوير معدودة لزوجات سفراء اسطنبول التقين بنساء السراي".
الجزء الثاني:
http://www.youtube.com/watch?v=qA-WnU1jC_k
http://www.youtube.com/watch?v=qA-WnU1jC_k
المصدر: الدولة
العثمانية المجهولة، 303 سؤال وجواب توضح حقائق غائبة عن الدولة
العثمانية، أحمد آق گوندوز، سعيد أوزتورك، وقف البحوث العثمانية، 2008
ضحكتني والله قال ان الجواري كن بمثابة بنات السلطان من وين جبت هذا الخرطي الجواري كانو لمتعة السلطان وهن حلال عليه لانهن يدخلن في ما ملكت ايمانكم
ردحذف